تُصبّحُكَ المواجعُ والأفولُ
وفي ميلادك احتفلَ العويلُ
.
تلاشى الضوءُ ،واعتلجتْ دياجٍ
ثقالُ الخطْو، فانسدَّ السبيلُ
.
وبِكْرُ المُنتهى تبدوْ عجوزاً
وفي أحداقها تنمو الطّلولُ
.
وفاحت سدرةُ المعْنى دُخاناً
يبوحُ به التصحّرُ والذّبولُ
.
.
خَطَبْنا يا مدى (سحبان) حتّى
رهَنّا المُنتهى فيما نقولُ
.
فلم نكسبْ بترصيعٍ رهاناً
ولا التّنميقُ حالفهُ القبولُ
.
ولا (حِلْفُ الفضول) أقَرّ حقّاً
قضى الأشرافُ، فانْحَلّ الفضولُ
.
وعمّ القحطُ، والأفهام جوعى
ومُفتي أمّة الـ “اقْرا“ جهولُ
.
وحاميها من الأشباح لصٌ
وحاديها إلى الهيجا(1) ذليلُ
.
وصرنا للسُّرى سلْبا ونهباً
وساد الدُّونُ، والمسلوبُ قِيْلُ
.
وكُنّا كلّ ضرغامٍ هُمامٍ
له في كل جوزاءٍ مَقِيْلُ
.
وكانت مَكْرُماتُ الدّهر مِنّا
لها نَسَبٌ وإكليلٌ أصيلُ
.
.
عجبتُ لنا! نضيق بنا، ونُذْكِي
مَسارِحَنا لِيَأْتَلقَ الدخيلُ!
.
ونبعث غابر الآماد حتى
نُميْتَ الحيَّ كي يحيا القتيلُ!
.
ونكْسر صُبحنا الزاكي ليغشى
بلاطَ النور ديجورٌ ثقيل!
.
سماءٌ يرقصُ التنّينُ فيها
وتعلو الهام أغرارٌ ذيولُ
.
وكيف يقدّسُ الرحمنُ شعباً
لهُ من كل ناعقةٍ دليلُ!؟
ذوى الكمّونُ، والموعود وهْمٌ
وهل بالوهم تخضرُّ الحقول!؟
(1) الهيجاء : المعركة.